۲۷ آبان ۱۳۹۱

الردع الفلسطيني سيزلزل الصهاينة


في مقدمة كتابه (اليهودية من ياهو الى نتنياهو) طبعة دمشق عام 2001 (دار الحارث) يقول مؤلفه (الباحث جودت زاهي حسن): "كنا ومازلنا في وطننا والعالم "اجمع فريسة" لأضاليل نشرتها وتنشرها الصهيونية العالمية بوسائل مختلفة وماكرة، بحيث اصبحنا (الا من عصم ربك) كالطريدة في شبكة الصياد، لن نستطيع الخروج منها قبل اطلاعنا على حقائق كثيرة".
وخلال استعراض  المؤلف الاسس العقائدية التي بنيت عليها الاخلاق اليهودية يخرج في الصفحة (23) من كتابه بمحصلة قريبة جدا من الصواب بقوله: "لابد لنا من تقرير حقيقة ان قدرة اليهود على دمج توراتهم بالاناجيل ليطلق عليها جميعا اسم (الكتاب المقدس) بعهديه القديم (التوراة) والجديد (الانجيل)، كان ومازال الانتصار الاكبر الذي حققه الصهاينة، الامر الذي مكنهم من تهويد مسيحيي العالم دفعة واحدة."
نحن فبدورنا نثني على هذه المحصلة الواقعية للمؤلف بالتاكيد على ان الصهيونية نجحت  ايضا في تهويد بعض الحكام والمسؤولين في العالم العربي  والاسلامي بدليل ما نشاهده اليوم من تحالف حميم بين آل سعود وآل ثاني وآل خليفة مع زعماء الكيان الارهابي الغاصب للقدس الشريف، الذي بدأ مؤخرا عدوانا غادرا على غزة راح ضحيتها حتى الان المئات من الشهداء والجرحى من ابناء الشعب الفلسطيني المحاصر منذ سنوات في هذا القطاع الصامد.
فعلى هذا الاساس لم يكن عبثا  قيام واحد من العائلة المتحكمة في بلاد الحرمين الشريفين، هو الامير (نايف بن احمد آل سعود) وهو كما تصفه صحيفة "هاآرتس" صاحب القاب  اكاديمية متقدمة من جامعة جورج تاون وجامعة كامبردج، واختصاصه هو التخطيط الاستراتيجي والعمليات الخاصة والدبلوماسية، الدولية والحرب الالكترونية قيامه بامتداح رئيس كيان الاحتلال  الصهيوني شمعون بيريز ودعوته ــ وهنا بيت القصيد ــ الى تشجيع الاسرائيليين والعرب  على التعارف بواسطة الانترنت وباحاديث في الرياضة والتصوير وشؤون اخرى لانه ــ والكلام مازال للبروفيسور نايف ــ قد يكون هذا هو مستقبل السلام في الشرق الاوسط من اجل تعايش سلمي، مطالبا بدعم هذه الجهود باعتبارها جزءاً متطورا من السياسة الامنية السعودية؟!
ويتساوق هذا لتنظير "الصهيو سعودي" مع الدعوة التي ما فتئ يكررها ولي عهد البحرين الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة منذ سنوات، وكانت قد وردت في مقالين له نشرتها صحيفة "واشنطن بوست" وصحيفة "لوس انجلس تايمز" الاميركيتين ومفادها "دعوة القادة العرب الى مخاطبة الاسرائيليين من خلال وسائل اعلامهم لتسهيل جهود السلام في الشرق الاوسط للتعبير عن خيار غالبية الشعب العربي لتطبيع العلاقات مع اسرائيل".

أما آل ثاني فقد اتخذوا خطوات أبعد مما قد يتصور على مستوى التطبيع بين حكام الدوحة والصهاينة، سياسيا واعلاميا وتجاريا، وقد افادت آخر الانباء  عن مساع يبذلها مكتب التجارة القطرية  الاسرائيلية لترتيب زيارة يقوم  بها طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية العراقية المعزول والمحكوم عليه بالاعدام غيابيا الى تل ابيب، وبما ينطوي عليه قيام مثل هذا اللقاء المريب من مخاطر محتملة على الامن الوطني والسلم الاهلي في بلاد وادي الرافدين التي تشهد تصعيدا طائفيا دمويا تموله الرياض والدوحة والمنامة على وجه خاص.
على صعيد متصل كلنا يتذكر "الضجة" التي اطلقها وزير خارجية البحرين (خالد بن احمد آل خليفة بالدعوة الى تأسيس ما اسماه بـ"التجمع الشرق الاوسطي" الذي يضم اضافة الى الدول العربية كلا من اسرائيل وتركيا وايران، معتبرا في تصريحات ادلى بها لصحيفة الحياة اللندنية "ان هذا هو السبيل  الوحيد لحل المشاكل القائمة بين دول المنطقة".
وبعد ايام من هذه  الدعوة الاستسلامية، بادر الكيان الصهيوني الى شن عدوان شامل على قطاع غزة بدأ نهاية ديسمبر 2008 وانتهى في مطلع كانون الثاني 2009 وعلى مدى (22 يوما)، قاوم فيها المجاهدون الفلسطينيون ايما مقاومة، وتمكنوا رغم الحصار القاتل والغارات الجوية والصاروخية الحاقدة، من ردع هذه الحملة الاسرائيلية المدعومة بلا حدود اميركيا واوروبيا، وتقويضها تماما، فصنعوا بذلك الصمود الاسطوري  توأما لانتصار تموز 2006 في لبنان وفرضوا على العالم كله معادلة الردع التي اشار اليها قبل ايام العلامة السيد حسن نصر الله في مهرجان (يوم الشهيد 14/11/2012).
لقد وجه انتصار المقاومة الاسلامية  في لبنان 2006 والمقاومة الاسلامية والوطنية في فلسطين (2008) ضربة قاصمة لاسطورة "جيش العدو الصهيوني الذي لا يقهر"، كما برهنا على حقيقة امكانية الحاق الهزيمة النهائية باسرائيل، في حين يحاول بعض الحكام العرب المتصهينين تهيئة الاجواء النفسية والسياسية للأمة في سبيل الجنوح بوتيرة متسارعة  للتطبيع والتعايش مع غاصبي فلسطين والقدس الشريف على الرغم من ممارساتهم الاجرامية والارهابية التي تكاد تطبق انفاس اهلنا واخوتنا في ارض الاسراء والمعراج.
المؤكد  ان الجزء الجديد من استراتيجية الحرب والعدوان الصهيونية على ابناء الشعب الفلسطيني في القطاع المحاصر، والتي استعرت مع مغادرة امير قطر حمد بن خليفة آل ثاني  ونجل ملك البحرين ناصر بن حمد آل خليفة، ارض غزة بالامس القريب. تعطي نتيجة غير قابلة للتأويل او التشكيك، وهي ان الصهيونية لا تحترم العهود والمواثيق والقوانين الدولية الخاصة بحماية ارواح وممتلكات الشعب  الفلسطيني  الخاضع للاحتلال منذ نحو (100) عام من جهة، كما انها لا تقيم وزنا لمنظري فكرة التطبيع مع اسرائيل ــ خليجيين او غيرهم ــ من جهة اخرى، لان هذا الكيان قام في الاساس على سفك دماء سكان الارض الفلسطينيين  وتشريدهم ومطاردتهم واغتيال قادتهم حتى وهم في المنافي.
بيد أن ثمة وجهة نظر واسعة الانتشار وتمثل الان حقيقة ملموسة قولا وعملا، وهي ان معادلة الردع التي باتت في حوزة قوى المقاومة الباسلة، ستظهر للعالم مفاجآت مهمة للغاية في الايام القليلة القادمة على مستوى دحر العدوان الصهيوني الغاشم على (غزة هاشم) واهلها، وتحول المعادلة لصالح ابناء الصحوة الاسلامية المباركة، وهم يخلدون في هذه الايام تضحية الامام الحسين(ع)  الخالدة في عاشوراء 61 هـ بارض كربلاء.

هیچ نظری موجود نیست:

ارسال یک نظر