۲۹ آذر ۱۳۹۱

الاستيطان الصهيوني في خضم الهزائم المذلة


يمكن الان ملاحظة المستفيد الاصلي من "الازمة السورية" المتواصلة منذ ما يزيد على (20) شهرا، ومقاربة النتائج بما يمارسه العدو الصهيوني من انتهاكات فاضحة لـ"القانون الدولي" على مرأى ومسمع حماته الاميركيين والاوروبيين.
فتزامنا مع الاضطرابات التي تشهدها المنطقة وبعد ايام قليلة من الاعتراف بدولة فلسطين عضوا مراقبا في الجمعية العامة للامم المتحدة،  اعلنت "اسرائيل" يوم الجمعة 14/12/2012، عزمها بناء ثلاثة آلاف وستمائة (3600) وحدة استيطانية اضافية في القدس المحتلة والضفة الغربية.
لقد اكتفت الاطراف الاوروبية والاميركية بالاعراب عن ردود افعال دبلوماسية قلقة لا ترقى الى مستوى خطورة التحدي الصهيوني وتداعياته الاستفزازية على مستوى الشعب الفلسطيني المحاصر، والامة الاسلامية التي تعتبر ما تقوم به "تل ابيب" عدوانا صارخا على الحقوق والمقدرات والتطلعات المشروعة في ارض الاسراء والمعراج، وذلك عبر استغلال تجاهل ادعياء ما يسمى بـ "الشرعية الدولية" لممارساتها الاجرامية والارهابية من جهة، وتكالبهم المسعور على سورية المناضلة بدعوى "مساندة المعارضة المسلحة" من جهة اخرى.

من الواضح ان المؤامرة الدولية الصهيوغربية على سورية والمقاومة الباسلة في فلسطين ولبنان، كشرت عن انيابها التي تقطر منها الدماء البريئة للمسلمين والعرب في سورية والعراق وافغانستان واليمن والبحرين فرصا، لتؤكد على انها غير معنية باشاعة الموت والارهاب والدمار في الشرق الاوسط، بقدر اهتمامها بالبرامج التوسعية اللاقانونية وغير المشروعة التي تنفذها "اسرائيل" الغاصبة في وضح النهار.
فالثابت ان المعايير المزدوجة للاطرات الاوروبية والاميركية او الغربية (عموما) في تعاملها المنافق والمدان في ان معا مع الملفات الساخنة في الشرق الاوسط، تدعم الاعتقاد السائد بان الفوضى والصراعات التي اشعلها زعماء الاستكبار العالمي في المنطقة، تستهدف في الوهلة الاولى تخفيف الخناق الذي بات يطوق قبة الكيان الصهيوني منذ هزيمته المرة على ايدي رجال المقاومة الاسلامية اللبنانية (حزب الله) في تموز 2006، وانتهاء بهزيمته المذلة الاخيرة على ايدي المجاهدين الفلسطينيين في غزة هاشم (تشرين الثاني 2012).
وقد بدأ واضحا ان "التحالف الغربي ــ الصهيوني" الذي لا يفتأ ينفخ في اتون الفتنة السوداء بسورية، قد اصيب مجددا باقوى حالات الفزع والجنون الهستيريا حينما تصور ان انشغال دمشق في مكافحة الارهاب المنظم الذي تموله السعودية وقطر، سيجعل من (غزة هاشم) المحاصرة حصارا قاتلا منذ اكثر من (7 سنوات)، لقمة سائغة للاحتلال الاسرائيلي في (2012) ابتغاء اعادة وجهه المضاع في المعارك المحدودة التي قاوم بها المجاهدون اللبنانيون (2006) والفلسطينيون (2008) آلته الحربية المجرمة. والحقوا بها شر المهانة، بل طاولت ضرباتهم الصاروخية المسددة تل ابيب ويافا وحيفا ومشارف ديمونا ومناطق اخرى لم يكن المستوطنون الصهاينة يحسبون ان تصل اليها ايدي المقاومة المؤمنة.
مما مضى يتضح ان قرار بناء آلاف الواحدات الاستيطانية في  القدس الشريف والضفة الغربية، هو اجراء انتقامي تقدم "اسرائيل" عليه لتجسد به شعور  الغريم الضعيف المهزوم الذي لم يعد يقوى على المنازلة في  ميادين القتال وجها لوجه، فصار يعمد الى استخدام سلاح الابتزاز والثأر ضد السكان الفلسطينيين المدنيين من خلال التوسع والامتداد على حساب بيوتهم ومزارعهم ومصادر ارزاقهم.
انه اجراء "يهدد قابلية  الدولة الفلسطينية على الحياة"، كما اعترف بذلك الاوروبيون، بيد ان اعتراضاتهم لم تتعد "الالفاظ" او "علامات الاستغراب"، وماذا تفيد هذه المواقف المنافية للقرارين 242 (للعام 1967) و338 (للعام 1973) والتوصيات الاخرى ذات الصلة الصادرة عن مجلس الامن الدولي؟!
ان "اسرائيل" التي افصحت عن حضورها الميداني بين الجماعات المسلحة في سورية وقبل ذلك في ليبيا وتونس وافغانستان والعراق، تحت عناوين ومسميات مختلفة، تمارس اليوم دورا تخريبيا محرضا عبر تنفيذ "العمليات الاستخبارية واللوجستية الخاصة"، وهي تحاول بذلك وبدعم من الدول الغربية وبتمويل من آل سعود وآل ثاني وبتعاون من قادة تركيا، تعويض اخفاقاتها المخزية في العقدين الاخيرين.
المؤكد هو ان شعوب الصحوة الاسلامية وقوى (محور المقاومة والممانعة)، سوف تفوت هذه الفرصة على الكيان الصهيوني وزعمائه وحماته واعوانه، ففي هذا  النسق ينبغي انتظار ما ستفرزه الايام القريبة المقبلة، وازاءها يتم قياس النصر والهزيمة [وسيعلم الذين ظلموا ايَّ منقلب ينقلبون].

هیچ نظری موجود نیست:

ارسال یک نظر