۹ مهر ۱۳۹۱

ماذا لم تلق الدعوة اهتماماً؟!




كان يتوقع ان يعجل اوباما والمسؤولون البارزين الاميركيون في الرد بحرارة على تصريحات الرئيس احمدي نجاد، لواشنطن بوست، والتي ابدى فيها استعداد  ايران لاستئناف العلاقات مع اميركا.
فلماذا كانت لاكثر من عقدين واحدة من الاهداف الستراتيجية للادارة الاميركية، فتح باب الحوار مع ايران، والتي ووجهت باستمرار باعتراض شديد من قبل الجمهورية الاسلامية. من هنا حين يبدي رئيس جمهوريتنا تعاطفه للحوار المباشر وبالتالي  اقامة العلاقة مع اميركا فانه كان من الطبيعي ان نتوقع ترحيب اوباما وسائر المسؤولين الاميركيين لهذه الدعوة، الا انه ليس لم يعتن اوباما والمسؤولون الاخرون لهذا الاقتراح فحسب، بل تلقوا دعوته ببرود وعدم اهتمام.
والسؤال الملح هنا هو لماذا؟!

أليست المحادثات بشكل مباشر مع ايران، كانت من امنيات رجال الحكومة  الاميركية لسنين متمادية، ولازالت، فما السبب في عدم الالتفات  الى رغبة رئيس الجمهورية احمدي نجاد؟! فالجواب ليس صعبا، وبالاعتذار من السيد احمدي نجاد، من الضروري ان نقول ان رجال  الحكومة الاميركية قد اعتبروا اقتراح احمدي نجاد لا سند ولا رصيد له. فهم يعلمون جيدا ان السيد احمدي نجاد وان كان يمثل رئاسة ايران واحد المسؤولين البارزين في البلاد، الا ان اتخاذه لقرار التفاوض او اعادة العلاقة مع اميركا، ليست ضمن اطار مسؤوليته وصلاحياته القانونية، اذ حسب المادة 110  من الدستور فان تحديد السياسات الاساس  للحكومة فهي  من وظائف القائد، كما ان سماحة قائد الثورة قد اعلن مرارا وبشكل شفاف وتقديمه لادلة منطقية لا تقبل التأويل، اعتراضه على التفاوض واقامة ايران لعلاقات مع اميركا. تأسيسا على ذلك فبالرغم من ان اقتراح احمدي نجاد ينظر اليه (كنقطة امتياز ذهبية) واستجابة لآمال طويلة قد اهملت لسنين متمادية، الا ان الاميركيين يعلمون ان هذا الاقتراح لا قيمة له، وفي احسن الاحوال يعتبرونه رغبة فردية، وليس  قرارا نابع من مطلب جماهيري وتصميم الحكومة. وهو بالضبط ما يجعل الاميركان لا يعتبرون رغبة احمدي نجاد في استئناف العلاقات مع اميركا، ذات اهمية.
ليت رئيس جمهوريتنا الموقر قد التفت الى هذا الامر البديهي، ولم يصرح بما ليس من حدود صلاحياته، فيكون بذلك قد احدث ثلمة عن غير قصد في مكانة مسؤوليته المحترمة، وليته اخلى من بين مقاعد الوفد الذي اصطحبه، والمؤلف من مائة وعشرات من الاعضاء، في سفره الى نيويورك، قد أخلى مقاعد لعدد من رجال القانون والخبراء البارزين في الشؤون السياسية، ليكونوا له عونا في تصريحاته وابدائه لرأيه. بالطبع هنالك من بين الوفد من يتصف بذلك الا انه لا يعلم هل استشارهم الرئيس ولم تكن استشارتهم موفقة؟ ام لم يستشرهم، او لم يملكوا الشجاعة  كي يبدوا رأيا معارضا لرأي رئيس الجمهورية؟!
ان رجال الحكومة الاميركية ومسؤولي المراكز الستراتيجيةلا يخفون كون اصرارهم للتفاوض  هو لاجل التفاوض لا غير  وليس لفض المشاكل الثنائية. اذ يعرفون جيدا ان هذه العلاقة المتوازية لها جذور في ماهية الجانبين المتخاصمين، وما دمنا نصر على الاسلام المحمدي الاصيل، والذي يأبى الضيم، ومادامت اميركا ماضية في سلوكها العدواني، فان هذا التخاصم وعدم اللقاء ماض، وان نهايته تتوقف  على تولي ــ لا سامح الله ــ لا سلام يتغاضى  في قراراته، او ان اميركا تنسلخ من خلقها العدواني، وكما قال الامام الخميني "تترجل اميركا من مطية الشيطان".
ان الاصرار  الاميركي على الحوار هو بغرض  درجه كورقة للعب على الثورات الاسلامية والصحوات الشعبية، لتفتعل الشك وتلقي اليأس في القلوب بان ايران التي تمثلت رائدة للاسلاميين اضطرت للتفاوض مع اميركا، وان هذا الامر واضح لذي عينين.
التفتوا الى ما طرحه (جورج فريدمن) مسؤول مركز ستراتفور الاميركي لاتخاذ القرارات، فهذا المركز الاسراتيجي يعرف بانه نادي المخضرمين من رجال  السي آي ايه.
فهو (فريدمن) يقر ان "مشكلة اميركا مع  ايران ليست النشاطات النووية، فقد برهنت انها ليس من غير اقامة علاقة مع اميركا فحسب بل في حين صراعها  مع اميركا يمكنها (أي ايران) ان تكون القوة الاكبر في ا لمنطقة، وان قلقنا كاميركيين،هو صيرورة ايران وبهذه الخصوصية الى رائدة لسائر الشعوب".
كان على احمدي نجاد ومستشاريه ان يعلمو ان رفض ايران للتفاوض مع اميركا واقامة العلاقة معها ينبع من رأي قاطع وثابت وليس امرا مزاجيا، فقد اقدمت حكومات البناء والاصلاح كما اقدم احمدي نجادومستشاريه على فعل ينبو عن سذاجة، او لاي سبب آخر ــ يحتاج  الى نقاش منفصل ــ بدعوتهم للحوار واقامة العلاقة  مع اميركا. الا ان المنطق القوي لقائد الثورة المعظم، والذي يستند الى خلفية قانونية  ودعم شعبي قد افشل هذه الخطوات. فالمثال الاول على ذلك، كان في عام 1990. ففي تلك الايام (19 /ابريل /1990) اعلن (جيمز بيكر) وزير خارجية اميركا في حينه، وفي تصريح له ان اميركا مستعدة لاجراء مفاوضات مباشرة مع ايران. وبعد سبعة ايام، طالب (عطاء الله مهاجراني) مساعد هاشمي رفسنجاني لشؤون المجلس ــ وهو اليوم لاجئ في بريطانيا، ومشغول في تعاونه مع اللوبي  الصهيوني وMI6 ــ طالب في مقال في صحيفة (الاطلاعات) وتحت عنوان (المفاوضات المباشرة) بالتفاوض المباشر مع اميركا ومن ثم اقامة العلاقات معها، معتبرا الوقوف امام البيت الابيض مجرد شعار.
في تلك الايام بادر سماحة القائد الى نقد هذه الرؤية في حديث مشبع بالادلة الدامغة، حين قال: "بالنسبة لما يطرح  هذه الايام على مستوى بعض اصحاب الفكر، بان نتفاوض او لا نتفاوض.. وأرى ان الذين يعتقدون انه لابد من التفاوض مع رأس  الاستكبار ــ أي اميركا ــ، فهؤلاء اما انتابتهم حالة من السذاجة، او انهم خائفون.
لقد اشرت كرارا لهذه المسألة، بان المستكبرين، قبل ان تخدمهم امكاناتهم وقدراتهم، فقد خدمتهم استعراضهم لعضلاتهم، وان الذي امد في حياة المستكبرين هو هذا الاستعراض للعضلات واخافة الآخرين بالتهديدات.
ما الذي يعنيه التفاوض؟ فهل تحل المشاكل بمجرد ان نجالس اميركا ونحادثها؟
ليست الامور بهذا الشكل، فالتفاوض حسب العرف السياسي هو التعامل. التفاوض مع اميركا يعني التعامل، أي الاخذ والعطاء؛ أي خذ شيئاواعطي آخر، فانت تعطي شيئا من الشعب الايراني، مثل كونهم مسلمين وتمسكهم بالاسلام المحمدي الاصيل. انها تريد ان تنفضوا من التزامكم هذا. انها لا تريد ان تكون رؤوسكم مرفوعة، فهل انتم مستعدون لذلك؟"
ان هذا الاستدلال الذي لا يشوبه  شك يعكس بان رفض ايران للتفاوض الايراني الاميركي انما ينبع من منهج فكري يدعمه الدليل  وليس رأيا سياسيا وحسب.
لقد طرح قائد الثورة هذه الرؤية في عام 1990 أي قبل 22 عاما. وما كانت ايران في تلك الايام بهذه الرفعة كما هي اليوم، ولم يكن في جعبة الخصم كما نشاهد اليوم من فشل وخيبة امل.
وبعبارة اخرى فنحن اليوم في موقع اكثر قدرة من تلك الايام. من هنا ليس  من باب الاعتماد على مبادئ المقاومة الاسلامية، العصية على التغيير فقط بل ومن منطلق الحكمة السياسية والرؤية المنبلجة من المعادلات الستراتيجية المتسالم عليها، بان ننظر الى الامر من موقع اعلى.
الا ان ما يؤسف له ان السيد احمدي نجاد قد اهمل هذه المكانة المرموقة، في الوقت الذي كان يتوقع ان يواجه اميركا وحلفاءها من موقع مستمد من تلك الدعامة المقتدرة للنظام، وان يتجه صوب نيويورك من مكانة لايران الاسلامية ولشعبها تتسم بالصلابة والريادة الفريدة!
ومما لا شك فيه ان رؤية الجانب الاخر لايران الصلبة لا تتغير. وانما الذي لم يلق الاهتمام هو اقتراح رئيس الجمهورية المحترم، ولقد كان مؤلما ما اصاب مكانة رئاسة الجمهورية،  ومواقف احمدي نجاد المقتدرة، وهو ما لايمكن قبوله.
حسين شريعتمداري

هیچ نظری موجود نیست:

ارسال یک نظر