۲۸ شهریور ۱۳۹۱

ما يلوح من ذلك الموج

حسين شريعتمداري
1 ــ "بهذه المناسبة ارغب في اسداء موعظة  لسياسيي اميركا، الذين  لطالما تواجدوا حيث الدفاع  عن النظام الصهيوني، ان هذا النظام لا يجر لكم سوى المتاعب. فقد ساءت صورتكم لدى الشعوب في المنطقة، اذ يسووكم في جرائم الصهاينة.
وتحملتم ابهض النفقات خلال سنوات  طوال، ولربما  تتضاعف  هذه التكلفة المادية والمعنوية، ان سلكتم  هذا المنهج.
تعالوا الى كلمة  سواء تقدمت بها الجمهورية الاسلامية حول استفتاء او قرار شجاع لتنجوا من هذه الورطة،ومما لاشك فيه ان شعوب المنطقة وكل احرار العالم سترحب بهذا الموقف".
ان هذه النصيحة كانت مقطعا من حديث ملؤه العبر تقدم به سماحة قائد الثورة في اجتماع قادة دول عدم الانحياز في طهران. مواعظ مزجت بتحذير وكأن سماحته ينذر بقدوم موج عات يذكر فيه رجال الحكومة الاميركية، ان وقوفكم امام هذا الموج ا لمهيب لا يصيبكم غير تكاليف باهضة يعتصرها الشعب الاميركي.
يلوح هذه الايام ارتدادات  هذا الموج اذ استنفرت الامة الاسلامية صابة جام غضبها على الفلم المسيء للاسلام ولقداسة الرسول العظيم(ص).
"ولماذا تجبى من جيوب دافعي الضرائب الاميركان تكاليف الحقد  الاسرائيلي على  المسلمين"؟ "فالصهاينة يثيرون الحروب ويتحمل الشاب الاميركي اتعابها". "وليبين احدهم لنا ما الذي اتت به اسرائيل لاميركا غير المتاعب والنفقات المكلفة"؟ "وهل عاصمة اميركا واشنطن ام تل ابيب"؟ "ولماذا تكتب آثام الصهاينة على صحفنا نحن الاميركان"؟ "مَن مِن المسلمين وجه اهانة للسيد المسيح، كي يتحمل الاميركان ما يوجهه الصهاينة من اهانات لقداسة الرسول"؟ و... اليوم نلحظ بكثرة ــ رغم التعتيم والتقطيع الخبري ــ هذه الاعتراضات من بين الشعب الاميركي.  يكفي ان نمر كراما على عالم الانترنت. لقد شاهدنا  العام الماضي بين متظاهري وول ستريت لافتات كتب عليها (الموت لاسرائيل) و(ايها الصهاينة القتلة اليكم عن الشعب الاميركي).

2 ــ بالتزامن مع قمة طهران، نشرت (فارين باليسي) الاميركية بعضا من تقرر بـ 82 صفحة لـ (16) مؤسسة امنية  اميركية. وتم تعميم هذا التقرير بعد ساعات في كثير من وسائل  الاعلام الاميركية الاخرى مما تبعه رد المسؤولين الصهاينة، وجاء في هذا التقرير وتحت عنوان "اميركا تستعد لشرق اوسط بلا اسرائيل"؛
"ان اسرائيل تشكل اكبر خطر لمصالح اميركا القومية، وتسببت في عرقلة اقامة علاقات طبيعية لواشنطن مع 57 دولة اسلامية.. فالربيع العربي والصحوة الاسلامية دفعت بقطاعات هامة من المسلمين البالغ عددهم 2/1 مليار نسمة، لتثار القضية الفلسطينية من جديد.. فلاهي (الحكومة الاميركية) بالتي يساعدها حالها المادي كي تدعم اسرائيل، ولا الرأي العام الاميركي يرضى بهكذا دعم.. فاسرائيل قد تحولت الى نظام عنصري، وان الاختلاف معها قد اتسع دوليا، ولاينبغي لاميركا ان تشترك في ائتلاف يعارضه المجتمع الدولي برمته".
بأي هدف جمعت (16) مؤسسة ومركز أمني اميركي اطراف هذا التقرير؟
فحسب (دويتشه وله) ان وثائق هذا التقرير ليست بالجديدة، وما هو جديد هو نشرها لستراتيجية اميركا حيال اسرائيل منذ تأسيسها والى اليوم. فالتفتوا الى عنوان التقرير "اميركا تستعد لشرق اوسط دون اسرائيل"، والى نتيجة مفادها "اسرائيل تشكل اكبر خطر لمصالح اميركا القومية". و...
3 ــ نشر لفيف من طلبة  جامعة  نيويورك كتابا بعنوان "دور اللوبي الصهيوني في رسم سياسة اميركا الخارجية" جاء فيه "ان الشعب ينتظر رد استفسارات ظلت عائمة". وجاء في جانب آخر من الكتاب ما كان له صدى واسعا في الاعلام الاميركي، "لقد تحولت  اسرائيل الى مكمن اذى وضرر كبير لاميركا، وحان الوقت كي يكون لاميركا مع اسرائيل علاقات محددة وليست خاصة".
موقع "اينتلجنت اسكواد" الستراتيجي  نشر العام الماضي تقريرا اقترح فيه "على اميركا ان تعيد حساباتها مع اسرائيل، فالعلاقات حيوية لاسرائيل ولكنها مبعث اذى لاميركا".
كما وشدد موقع (فورث مديا) في تقرير تحليلي على ضرورة تغيير علاقات اميركا مع اسرائيل من  الخاصة الى العادية.
واضاف الموقع"ان الرأي العام الاسلامي يعكس لهجة العداء لاميركا. فحين تسألهم كيف لواشنطن ان تحسن مكانتها بين الشعوب الاسلامية، فيجيب غالبيتهم؛ على اميركا ان تكف  عن دعمها لاسرائيل". وعشرات الامثلة الاخرى التي تعكس تغيير الرأي  العام للشعب الاميركي  نظرتهم تجاه اسرائيل.
4 ــ وعودا على بدء الى الموج العاتي الذي قدم. فنظرة عابرة على رد فعل اميركا وحلفائها الاوروبيين قبال الاساءات السابقة لقداسة الرسول الاعظم(ص)، ومقارنة الردود السابقة مع الحالية يتبين تغييرا وتحولا كبيرا يقرب من 180 درجة.
فقبل عدة سنوات ــ عام 2005 ــ حين رسم (كورت وسترغارد) الرسام الكاريكتوري الدانماركي، كاريكاتورا مسيئا للرسول (ص)، ورغم مواجهة هذه الاساءة بغضب الشعوب المسلمة، الا ان اميركا وحلفاءها، ليس لم يقدموا على ادانة هذا العمل فحسب بل عمدوا الى تكريم هذا الرسام الدنماركي.
فقد كرم (اندرس فوغ راسموسن) رئيس الوزراء الدنماركي (اندرس فوغ راسموس) رئيس الوزراء  الدانماركي في حينه، هذا الرسام، معتبرا عمله رمزا لحرية الرأي في بلاده! كما وقدمت (انجيلا ميرغل) المستشارة الالمانية نوط شجاعة للرسام، كمدافع عن حرية الرأي! وطالب (ولفغانغ شويبله) وزير داخلية المانيا من جميع الصحف الاوروبية ان ينشروا هذه الرسوم المسيئة للرسول (ص)! وما كان من اميركا الا وترشيح راسموسن لترأس امانة الحلف الاطلسي.
واليوم وحين انتفضت الشعوب الاسلامية ضد اميركا واسرائيل، في اعتراض على الفلم المسيء للرسول انبرى الكثير من المسؤولين البارزين الاميركيين والاوروبيين الى قدح هذا العمل المسيء.
كما وقدم الممثلون شكوى ضد المخرج، متذرعين ان موضوع الفيلم كان "حرب الصحراء" وان المخرج قد وضع كيفية الصوت حسب رغبته.
المسؤولون  الاميركيون الذين نسوا انهم قد اعلنوا منذ البدء هوية المخرج المزدوجة الاميركية ــ الاسرائيلية، يصرون على انه ليس اميركيا ولا اسرائيليا. كما ويشكو اوباما في حديث لجمع من الحاخامات الاميركيين من المتاعب التي خلقتها اسرائيل لاميركا. كما واعتبرت وسائل الاعلام الاميركية الاساءة الى رسول الاسلام بالعمل الغير مقبول و...
فما الذي نقرأه من هذا التحول؟! فهل غير الاميركان وحلفاؤها ماهيتهم، وكما قال الامام الراحل(ره) "ترجلوا من مطية الشيطان"؟!
فأين نقرأ مصدر هذا التحول؟
5 ــ ان الصحوة الاسلامية، وسقوط الحكام المستبدين عملاء اميركا، وحركة وول ستريت وشعارها الاصلي في مواجهة النظام الرأسمالي، ووصول امواج الصحوة الى الغرب ــ كما كان قد توقع سماحة القائد من قبل ــ والازمة الاقتصادية الغير مسبوقة في اميركا واوروبا والتي حسب رأي الشعوب نتيجة اثارة  الحروب الفاشلة، كل هذا سلب من اميركا وحلفائها الاوروبيين زمام التطاول والتجاسر.
والتفتوا الى نماذج ندرجها كما يلي:
ففي مقال كتبه (روبرت فيسك) الصحافي البارز في صحيفة (اينديبندنت) وفي معرض التنديد بمنتجي الفيلم، يقول فيه: "على الذين ازعجوا الشعوب الاسلامية  ان يعلموا ان ما يغلب على الشرق الاوسط اليوم هو الاسلام الايراني ــ وبعبارة اخرى الاسلام المحمدي الاصيل ــ . ففي هذا الاسلام  لا تمتزج السياسة  بالدين، بل ان السياسة هي عين الديانة".
وكتب مراسل رويترز في تقرير ملفت يوجه خطابه الى رجال الحكومة في اميركا واوروبا: "يجب ان يكون الغضب  الاسلامي العميم بسبب الاساءة لرسول الاسلام، نذير وتحذير، فالموج العارم قادم، وعلى اميركا ان تعيد حسابها في ارسال   الاسلحة الى  المعارضة السورية". كما وتكتب وول ستريت جورنال موبخة "هل نسي يهود اميركا ان الشرق الاوسط ليس بيد حسني مبارك وبن علي والقذافي".
6 ــ فهل ان الموج العارم الذي انبأنا به سماحة القائد في قمة طهران، في طريقه قادم لامحالة؟ واليس هذا الموج يعلو ويتسع يوما بعد آخر؟
دون شك سوف لا يقتنع هذا الموج باحتلال سفارات اميركا واحراق  اعلامها.
فحين سئل مسؤول  حماية امن القنصلية الاميركية في بنغازي، ان لماذا لم تواجه حملة المواطنين على القنصلية، اجاب: ان رسول الله هو أول وآخر ما أؤمن به وليس حفظ حياة السفير وموظفي القنصلية الاميركية، وان هذه رؤية العالم الاسلامي اجمع. من هنا فلابد من توقع الخطوات التالية. فهل باستطاعة آل سعود ان يدعوا توليهم خدمة الحرمين، وهم يتحالفون مع  اعداء رسول الله والمسيئين اليه؟ وتقترب الصورة من دول اسلامية لازالت تتولى اميركا، فها نحن نسمع في السعودية همهمات، بضرورة وقف تصدير النفط لاميركا، كما وتطرق اسماعنا اخبار عزل عبدالله ملك الاردن.
واخيرا وليس آخرا اليس وصول هذا الموج العارم احدى علامات هذا المنعطف التاريخي الخطير؟

هیچ نظری موجود نیست:

ارسال یک نظر