۲ مهر ۱۳۹۱

بشراك يا رسول الله(ص)

اثقلت الهموم قلب الرسول (ص) حين نزلت سورة هود، وبات يكرر رسول الله "شيبتني سورة هود" اذ جاء فيها ذكر اهوال يوم القيامة وحشر الناس عند مليك مقتدر فكان رسول الله محقا لتأثره وتألمه لعواقب الامة.
لطالما اخبرنا القرآن في آياته عن مدى رحمة الرسول  على امته واصراره  على هدايتهم، وتأسفه لضلالهم، وكثيرة هي الآيات قبل نزول سورة هود وبعدها، فما السر في تأثره هذه المرة؟  لربما يختصر الجواب في ما حصره الرسول  في الآية 112 من سورة هود، ليفصح  عن سبب  الشيب وهي: "فاستقم كما امرت ومن تاب معك..".
الا ان في سورة  الشورى الآية 15 قد اتى نفس المعنى وهو"واستقم كما امرت ..." اذن يبقى السؤال قائما وهو لماذا اختصت سورة هود؟
فماذا  في الآية 112 من سورة هود تسبب في ذلك؟
ونستشف الاجابة بكلمات الامام الراحل(ره): "ان عبارة فاستقم كما امرت قد ذكرت في مكانين في الكتاب المجيد، احداهما في سورة هود والاخرى في سورة الشورى، الا ان الرسول  قال "شيبتني  سورة هود" فلماذا  قال الرسول سورة هود؟ وذلك لان الاية في سورة هود لها تكملة وهي "ومن تاب معك"، فالطلب هو استقامة الامة. فالذين امنوا بالرسول، توصلوا الى ان الرسول هو رسول الاسلام وآمنوا به وعليهم ان يستقيموا.

فالرسول يقلقه تكملة الاية، فلم يقول شيبتني لخطاب الآية اليه، فهو يعلم بحاله وانه على استقامة من دينه الا انه كان يخشى من ان لا نكون نحن على استقامة".
ويستطرد الامام الراحل(ره):
"ان شعبنا الذي احدث ثورة قد كان على استقامة الى الآن، وبحمد الله خرج منتصراً الى الان. انتم منتصرون في الدنيا. انتم اختصصتم في الدنيا. في كل اركان الدنيا، حكومات العالم يخشونكم، لئلا تصبح  شعوبهم مثلكم ــ التفتوا الى جذر قضية ايران فوبيا ــ، استقيموا كي يكون النصر النهائي على ايديكم، زكوا انفسكم، ربوا شبابكم واطفالكم... فالشعوب جميعا  تعشق ايران".
صحيفة الامام المجلد 16 الصفحات (507 ، 508).
الرئيس  الاميركي جيمي كارتر صرح للصحفيين في اول يوم من الحرب المفروضة من قبل صدام على ايران، قائلا: "آمل  ان يعود المسؤولون الايرانيون الى رشدهم"! وفي اليوم التالي، وقف صدام، في احدى المناطق التي هاجمها الجيش العراقي، في جمع من الصحفيين، وبعد اجابته على بعض الاسئلة، قال:"بقية الاسئلة  ساجيبكم عليها بعد اسبوع في طهران"!
في تلك الايام قل من كان يصدق ان الثورة الاسلامية  الحديثة النهوض تصمد امام حرب من العيار الثقيل قد فرضت عليها. فالحسابات التقليدية والمعادلات  المتداولة بين العسكر  كانت تؤيد هذا الرأي. كأنها حرب الاحزاب وقد تعاضد الاعداء صغيرهم وكبيرهم ضد الاسلام.
فصواريخ سكود B، ودبابات تي 72، ومقاتلات ميغ 29 من روسيا. تشيفتين البريطانية، ودبابات لئوبارد الالمانية، وقنابل كيمياوية من المانيا وبريطانيا، وصواريخ  سايدبايندر وطائرات آواكس الاميركية، صواريخ اكزوز  ومقاتلات ميراج 2000 وسوبر استندارد الفرنسية. نصب عاكسات ليزرية على طائرات ميغ 29 وميراج 2000 الفرنسية من قبل متخصصين اميركان. اضافة الى الدولارات السعودية والكويتية والاماراتية ــ الجدير بالذكر ان سوريا هي الدولة الوحيدة التي وقفت الى جانب ايران ــ و... جميع الاعداء وبكل ما يملكون كان لهم نصيب من الحرب، وكأنها عاشوراء جديدة،وحتى المجاميع  المعادية للثورة، كالمنافقين ودعاةا لحرية والوطنية والماركسيين... من لا شأن لهم في ساحات الوغى، مكتفين برمي الحجارة على معسكر الحسين(ع). فكانت مقاومة الشعب الباسلة وتضحيات الابطال في خطوط القتال، قد اثمرت عن  معجزة فحرب كان يعول عليها ان تقسم ايران، لم تتمكن ان تمس شبرا واحدا من ارض ايران المقدسة حقا  انها معجزة الاستقامة في دين الله، وبأيد خالية مقارنة بكل ما جاء به العدو بقضه وقضيضه.
فيما وقف الامام الراحل (ره) مناجيا ربه: "اللهم انت الشاهد على ما فعله الاستكبار الغاصب، بازهار بستان الرسالة.
الهي! ان الظلم والتعسف يعم الدنيا، ولا ملجأ لنا سواك، فنحن فيها وحيدون لا ألانصار لنا، لا نعرف سواك ولا نرجو غيرك ولم نطلب وسيطا لمعرفتك. فكن عوننا فانت خير ناصر ومعين.
اللهم ابدل مرارة هذه الايام بحلاوة فرج بقية الله ــ أرواحنا لتراب مقدمه فداء ــ والوصول اليك".
صحيفة الامام المجلد 21 الصفحة 95.
وتوالت الايام لنسمع تصريح (مارتين كرامر) المنظر الاميركي  المشهور بتخصصه في دراسة الاسلام فقال متاسفا: "لقد جهلنا مركز ثقل الثورة الاسلامية الايرانية، وما زلنا نجهله".
ووضعت حرب 8 سنوات اوزارها، واعداء الخارج يعتصرون غيظا لفشل مخططهم، واعرب (جيمز ولسلي) الرئيس السابق للسي آي ايه، من ولادة محور اسلامي مقتدر بريادة ايران، عن قلقه الشديد. كما وحشر اعداء الداخل ــ كما كان يتوقع الامام ــ انوفهم، محاولين باساليبهم المبتدئة تجاهل المكتسبات الكبرى باعتراضاتهم الآتية:
"الم يقل الامام ان الحرب لو دامت عشرين عاما فنحن صامدون"، "الم يقل الامام حربا حربا حتى ازالة الفتنة من العالم"، "فلماذا بعد ثماني سنوات، والفتنة لماازيلت من العالم،وان صدام مازال حاكما في العراق، و... تنتهي الحرب"؟! و...
لم يعلم  هؤلاء   واسيادهم في الخارج، او لم يشاؤوا ليعلموا، انه اولا: بالقبول بالقرار الدولي لم تكن الحرب قد توقفت، بل ان ساحة الحرب قد تغيرت،ـ وبالطبع شهدوا بعد ذلك ان نضال  الجمهورية الاسلامية مستمر باهدافه النهائية والمعلونة رسميا "ازالة الفتنة من العالم"،واليست هذه الحرب  مازالت مستمرة؟
أوما فتيئت شجرة الاستقامة الطيبة تعطي  كل يوم ثمارها؟
فتوالت انتصارات الاسلام في حرب الـ 33 يوما وحرب الـ 22 يوما، وحكومة الاسلاميين في العراق، وفشل اميركا في افغانستان والعراق، والانجازات  العلمية الباهرة لايران في المجال  التسليحي، والتكنولوجي ، والعمراني، والنووي، والنانو، والخلايا الجذعية، والثورات الاسلامية في المنطقة، وسقوط الحكام المستبدين، وحركة احتلوا وول ستريت ضد الرأسمالية، والازمة  الاقتصادية في اميركا واوروبا و...
في تلك الايام، كم كان ما ذكره  الامام الراحل عن احداث اليوم حكيما؛ "لقد اكتسبنا كل يوم من ايام الحرب بركة عمت كل الجوانب، لقد صدرنا ثورتنا الى العالم من خلال الحرب، كما اثبتنا مظلوميتنا وظلم  المتجاوز عن طريق الحرب، كما وكشحنا عن صور خداع مصاصي دماء العالم القناع وكانت الحرب فرقانا لنا بين الاصدقاء  والاعداء، كما وتوصلنا من خلال الحرب لنتيجة مفادها ان لابد من الاعتماد على النفس، كما واسقطنا في الحرب عن القوتين العظمتين الشرقية  والغربية ما يحملانه من عزة، كما وجذرنا اسس ثورتنا الاسلامية، كما واحيينا الشعور  بالاخوة وحب الوطن داخل كل مواطن، كما واثبتنا خلال الحرب  للعالم وخصوصا شعوب المنطقة، انه يمكن المقاومة لسنوات طوال امام جميع القوى السلطوية، حربنا اتبعتها دعما  لافغانستان، كما وستجر  الى تحرير فلسطين.
وتسببت الحرب في  استشعار جميع قيادات الانظمة الفاسدة انهم اذلة امام الاسلام.
لقد اعقبت حربنا صحوة باكستان والهند، ففي الحرب وحدها تطورت صناعاتنا التسليحية، والاهم من ذلك استمرار وديمومة الروح  الثورية للاسلام من خلال الحرب.
صحيفة الامام المجلد 21 الصفحة 283.
رغم ان الاساءة  التي وجهت للرسول العظيم (ص) مؤخرا، اليمة ومحزنة، وان ثقله سيبقى على القلوب  حتى بعد الانتقام من المسيئين ــ وهو قريب الوقوع ــ، الا ان هذه العملة اضافة الى افتضاح  الاعداء، فلها وجه آخر يحكي نصاعة وجه امة  الرسول (ص). فبعد وجيز  من نشر  خبر الاساءة، فاضت امواج الاعتراضات والغضب المقدس للامة الاسلامية، فتجاوزت العالم الاسلامي الى الضفة  الاخرى  للمحيط  الاطلسي، وتحولت الى كابوس لاميركا وحلفائها. فحسب (استيفان وولت) المنظر في السياسة الدولية في مدونة الى (فارين باليسي): "حين يتسبب شريط مصور احمق، في اثارة اعتراض بهذه الوسعة من تونس الى باكستان واميركا واوروبا، فيمكن للمرء ان يتصور ما الذي سيحدثه الهجوم الاحتمالي على ايران".
وحسب (روبرت فيسك) في الانديبندنت: "كان على المتسببين في اثارة الشعوب الاسلامية، ان الذي يعم الشرق الاوسط الان هو الاسلام الايراني ــ ويعني الاسلام المحمدي الاصيل ــ،  اذ في هذا الاسلام لم تكن السياسة ممزوجة في الدين فحسب بل ان السياسة هي عين الديانة".
وعودا على بدء، وحين نراجع تفسير مقولة الرسول (ص): "شيبتني سورة هود" فتكون الاشارة  الى "ومن تاب معك".. اذ كان قلق الرسول  على استقامة الامة وخشيته من تراجعها، الا ان الامر  مختلف  اليوم يا رسول  الله، ففي كل حدب وصوب نشهد استقامة  الامة المستميت، وسيرفع القلق عن رسول الله (ص)، ويعود  الرسول  الى شبابه.
حسين شريعتمداري

هیچ نظری موجود نیست:

ارسال یک نظر